يهدف هذا البحثإلى تقديم معرفة لغوية إحصائية دقيقة حول أبواب أفعال اللغة العربية الثلاثية ، يتم فيها توظيف الجانب الصوتي في التحليل الإحصائي في محاولة للکشف عن قواعد کلية تفيد في المعالجات الحاسوبية للغة العربية. واقتصرنا في البحث على أبواب الأفعال الثلاثية؛لأنها وحدها التي تمثل إشکالية في استنباطها دون غيرها من أفعال اللغة العربية التي تُشْتَق من بعضها البعض وفق قواعد منضبطة يسيرة. واعتمد البحث في إحصاء مادته على المعجم الوسيط، وقد حرصت على تقديم القواعد التي تحکم اشتقاق الأفعال الثلاثية من بعضها البعض، والتي اعتمدها علماء العربية في استکمال ما لم يرد في المعاجم القديمة من أبواب الأفعال، ومن أجل ذلک وحتى تتضح الصورة عقدت مقارنات بين الأبواب في المعجم الوسيط وفي غيره من کتب اللغويين القدامى. إن المعرفة الدقيقة التي تستنبط من إحصاء شامل للمفردات التي تمثل الظاهرة اللغوية، توفر إمکانية لباحثين جُدد أن يتوسعوا أو يتعمقوافي دراسة تلک المفردات في المعاجم اللغوية المختلفة أو في استعمالات القدماء والمحدثين، وبخاصة النماذج التي لا تطرد مع القاعدة الکلية بغية التوضيح أو التفسير أو التصويب؛ فلا شک أن عمليات الجمع والتدوين لمفردات اللغة قد اعتورها ما اعتورها من وهم وتصحيف وعدم ضبط، وکل ذلک يحتاج إلى جهود تتضافر وتتکامل لبناء معرفة لغوية صحيحة. إن الطبيعةَ الاشتقاقيةَ للغةِ العربيةِ جعلتِ المفرداتِ شديدةَ الارتباطِ بعضِها ببعض، وقد أدى هذا الأمرُ إلى وجودِ صعوباتٍ جَمَّةٍ في بناءِ معاجمَ سهلةِ الاستخدامِ شأنَ المعاجمِ في غيرها من اللغاتِ. وتشکلُ أبوابُ الأفعالِ أحدَ أهمِّ المدخلاتِ الرئيسةِ في قاعدةِ البياناتِ التي يرتکزُ عليها بناءُ المعجمِ الإلکترونيِّ للغةِ العربيةِ؛ فهناک شبکةٌ من العلاقاتِ تَرْبُطُ مفرداتِ اللغةِ العربيةِ بعضَها ببعضٍ، ولأبوابِ الفعلِ دورٌ مرکزيٌّ في تحديدِ الکثيرِ من أنواعِ تلک المفرداتِ وصِيَغِها. فالأبوابُ تُعْتَبرُ أحدَ المرتکزاتِ الرئيسةِ التي يَنْبَني عليها تحديدُ صيغةِ المصدرِ المشتقِّ من کلِّ فعلٍ، کما أنها تعتبُر أحدَ أهمِّ مکوناتِ البنيةِ القواعديةِ التي من خِلالها تُشْتَقُ صِيَغُ الوصفِ المرتبطةِ بالأفعالِ. ولا يَخْفى الارتباطُ الوثيقُ بين أبوابٍ معينةٍ ودلالاتٍ أو حقولٍ دلاليةٍ خاصةٍ ترتبطُ بالأفعالِ من تلک الأبوابِ. وکان الهدفُ من هذا البحثِهو إحصاءُ الأفعالِ العربيةِ وأبوابِها في المعجمِ وکتبِ اللغةِ، ودراستُهالِمَعرفةِأُسِسِ تَشَکُّلِها، ومن ثَمَّ تحديد قواعِدَ کليةٍ يمکنُ استخدامُها حاسوبيًا بحيثُ تُفيدُ في تَقْليلِ المدخلاتِ الحاسوبيةِ للموادِ اللغويةِ، کما تُستَخْدَمُ في توليدِالأفعالِ، وتصحيحِها آليًا بشکل دقيقٍ. وکان الترکيزُ في البحثِ على تحليلِ العلاقةِبين الأفعالِ وأبوابها وبين والجذورِ التي تشکلت منها تلک الأفعالُ، من خلالِ المسحِ الشاملِ للجذورِ العربيةِ، والأفعالِ الثلاثيةِ التي وردت من کلِّ جِذْرٍ، والأبوابِ من کلِّ فعلٍ، ثم ملاحظةِ العلاقةِ بين بابِ الفعلِ والتشکيلاتِ الصوتيةِ المکونةِ لأفعالِ ذلک البابِ. واعتمدتُفي إحصاءِ مادةِ البحثِ على المعجمِ الوسيطِ بشکلٍ أساسيٍّ؛ لذا کان من الضروريِّأن نَفْهمَ الطريقة التى تشکَّلَت بها المادةُ في المعجمِ، وکيف تَتَّفِقُأو تختلفُمع ما وردَفي المصادرِ العربيةِ القديمة. لقد اعتمدَ المجمعُ في بناءِ موادِّ المعجمِ الوسيطِ على المعاجمِ العربيةِ القديمةِ بصفةٍ أساسيةٍ، واتبعَ مَنْهَجًا في استکمالِ فروعِ الموادِّ اللغويةِ التى لم تردْفي المعاجمِ العربيةِ القديمةِ، وبخاصةٍ فيما يتصلُ بالأفعالِ الثلاثيةِ المجردةِ وأبوابِها ومصادرِها، وذلک من خلالِ ما اتَّخذه من قراراتٍ في هذا الشأن. وقَد لوحِظ أيضًا أنه کان يُخْتَصَرُفي ذِکْرِ أبوابِبعضِ الأفعالِ؛ لذا کان من الضروريِّأيضًاأن أقومَ بمقارنةٍ محدودةٍ بين ما وردَفي بعضِ الکتبِ والمراجعِ العربيةِ القديمةِ من أفعالِ أو أبوابٍ، وبين ما وردَفي المعجمِ الوسيطِ من ذلک.