تعدد المصطلحات العربية فى نحو النص

المؤلف

بقسم اللغة العربية وآدابها کلية العلوم الإنسانية – جامعة الملک خالد المملکة العربية السعودية

المستخلص

نحو النص نظرية غربية رافدة ظهرت إرهاصاتها على يد زيلوج هاريس حين نشر بحثاً عام 1952م بعنوان Discourse Analysis (تحليل الخطاب) ، واستمرت المحاولات فى هذا الشأن إلى أن استوت تلک النظرية على سوقها على يد روبرت دى بوجراند حين ألف کتابة الشهير Text , Discourse and Process (النص والخطاب والإجراء) عام 1980م ، والذى ترجمه إلى العربية الدکتور/ تمام حسان ، وصدر عن عالم الکتب بالقاهرة عام 1998م.  يمکن القول إن البحث النصى من الصعوبة بمکان ؛ فالسمة الجوهرية الفارقة له عن البحوث اللغوية الأخرى تکمن فى ذلک التداخل المعرفى ، بمعنى ،" أن ذلک البحث فى النص يتطلب دراية واسعة فى فروع مختلفة ، فقج تشعبت المنابع التى استقى منها مفاهيمه وتصوراته ومناهجه ، واتسم هو نفسه بقدرة فائقة على استيعاب کل ذلک التداخل من جهة ، وإبراز جوانب التفارق بينه وبين العلوم الأخرى من جهة ثانية " ([1]) ، فبنية النص بنية معقدة ذات أبعاد أفقية ، وتدرج هرمى ، تحتاج إلى خليط متکامل من علم النحو ، وعلم الدلالة ، وعلم التداولية ([2]).  إن من أبرز أوجه الصعوبة التى يتسم بها نحو النص ، ذلک التعدد الهائل للمصطلحات العربية فى تلک النظرية ، وذلک الکم اللا محدود للتعريفات بمصطلح (النص) ، مروراً بمسمى النظرية ، ثم تلک المصطلحات الخاصة بالمعايير السبعة التى وضعها روبرت دى بوجراند ، والتى يکون النص بها نصًّا ، فبالرغم من مرور ما يزيد على ثلاثة عقود على النشأة الفعلية لهذا العلم ، فإنه لم يتحدد بدرجة واضحة وکافية ، بل إن مسمى الاتجاهات والتصورات غاية في التباين ؛ ونتيجة لذلک ؛ فإنه لا يسود حول مقولاته وتصوراته ونظرياته الأساسية أي اتفاق بين الباحثين إلا بقدر ضئيل للغاية ، برغم الجهود التى بذلها أعلامه ؛ لوضع حدود واضحة بينه وبني العلوم الأخرى ، وبخاصة في فترة الثمانيات ، فنجد لدى کل باحث معجما خاصًّا به قد يختلف به عن غيره من الباحثين من مدلولات المصطلحات ، بالرغم من اتفاقها الشکلى ، وأبسط مثال قد يُضرب في هذا المقام عدم وجود قدر مشترک من ملامح التوافق حتى حول مصطلح (النص) ذاته ، بل إننا نجد لدى باحث واحد بعينه في عمل واحد بعينه في أکثر من موضع عدداً من التعريفات ، ويختلف محتوى کل تعريف عن الآخر ([3]).
          ومما يلفت النظر في تلک النظرية أن المصطلح الأجنبى واحد ، في حين تتعدد المصطلحات العربية المرادفة له بشکل ملحوظ ؛ مما يؤدى إلى عدم انضباط النظرية في الثقافة العربية ، فـ" إنَّ أکثر ما يحتاج به في تحصيل العلوم المدونة والفنون المروّجة إلى الأساتذة هو اشتباه الاصطلاح ، فإن لکل علم اصطلاحاً خاصاً به ، إذا لم يعمل بذلک لا يتيسَّر للشارع فيه الاهتداء إليه سبيلاً ، وإلى انغمامه دليلا" ([4]) ، فالمصطلحات هي مفاتيح العلوم ، ومصطلحات العلوم هي ثمارها القصوى ([5])، وهى حمولات المفاهيم والمعارف ، إذ کيف يمکن بلورة نظرية عربية في نحو النص تتسم بالدقة ، مع وجود هذا الکم الکبير من المصطلحات ؟ والذى بدوره يؤدي إلى نتائج غيره جيدة فيما يتعلق بانضباط النظرية ، ويبدو أن الشکوى من عدم الانضباط المنهجى للمصطلح اللساني العربي ليست وليده نظرية (نحو النص) ، فقد ذکر الدکتور/ أحمد مختار عمر شکوى الألسنيين من استخدام لغة عربية لم ترق في تعبيراتها المتخصصة إلى مستوى (المصطلح) ، ولولا أن الکثيرين ممن يقدمون المفاهيم الأجنبية في لفظ عربى يقرنون المصطلح العربي بنظيره الأوروبي ، لغمض فهم المصطلح العربي ؛ فکان عامل تفريق لا تجميع ، وما کان هناک حد أدنى من الاتصال بين ألسنيّي قطر عربي ، وألسنيّي قطر عربي آخر ، بل بين ألسنّي وآخر داخل القطر والواحد . ولتعدد المصطلحات في نحو النص مظاهره ونتائجه وأسبابه ، ويحاول هذا البحث رصد المصطلحات العربية في نظرية (نحو النص) ، ومظاهر تعددها ، والنتائج المترتبة على هذا التعدد ، وأسبابه ، ثم توصيات لتجنب ذلک التعدد ، وذلک على نحو ما هو وارد فيما يأتى :أولاً : المصطلحات العربية الخاصة بمسمى النظرية :  ظهر التباين واضحاً بين المشارقة والمغاربة في المصطلحات المتعلقة بمسمى النظرية ، فالمشارقة – غالباً – يطلقون على تلک النظرية مصطلح (علم لغة النص) ، أو (علم اللغة النصي) ، أو (نحو النص) ، ويجعلون تلک المصطلحات ترجمة للمصطلحين Text Textgrammar , Lingusistic ، وذلک على سبيل المثال لا الحصر :-  علم لغة النص . المفاهيم والاتجاهات ، للدکتور/ سعيد بحيرى . مؤسسة المختار ، الطبعة الثانية 1431هـ-2010م.
-    علم لغة النص . النظرية والتطبيق ، للدکتورة/ عزة شبل محمد ... مکتبة الآداب . القاهرة ، الطبعة الثانية ، 1430هـ-2009م.
-    مدخل إلى علم لغة النص . تطبيقات لنظرية روبرت ديبوجراند وولفجانج دريسلر ، د/ إلهام أبو غزالة ، وعلي خليل حمد . الهيئة المصرية العامة للکتاب . الطبعة الثانية ، 1999م.
-    مدخل إلى علم لغة النص ، لفولفجانج هاينه مان ، ديترفيهفجر ، ترجمة الدکتور/ سعيد بحيري . مکتبة زهراء الشرق . القاهرة ، الطبعة الأولى ، 2004م.
-    علم اللغة النصي بين النظرية والتطبيق . دراسة تطبيقية على السور المکية ، الدکتور/ صبحي إبراهيم الفقي . دار قباء للطباعة والنشر . القاهرة 1431هـ-2000م.
-         علم اللغة النصي بين النظرية والتطبيق . نماذج من السنة النبوية ، الدکتورة/ نادية رمضان النجار ، القاهرة 2004م .
-    الدرس النحوي النصي في کتب إعجاز القرآن الکريم ، للدکتور/أشرف عبد البديع عبد الکريم. مکتبة الآداب . القاهرة 2008م.
-    نحو النص . اتجاه جديد في الدرس النحوي ، للدکتور/ أحمد عفيفي . مکتبة زهراء الشرق . القاهرة ، الطبعة الأولى 2001م.
-    نحو النص ذي الحملة الواحدة . دراسة تطبيقية في مجمع الأمثال للميداني ، للدکتور/ محمود قدوم . مطبوعات مرکز الملک عبد الله لخدمة اللغة العربية . الطبعة الأولى 1436هـ -2015م.
أما الدکتور/ محمد الشاوش ، فهو من المغاربة الذين أطلقوا مصطلح (نحو النص) على هذه النظرية مخالفاً أقرانه المغاربة في ذلک ، وذلک في کتابه:
-    أطول تحليل الخطاب في النظرية النحوية العربية . تأسيس نحو النص . مطبوعات کلية الآداب . جامعة منوبة . بالاشتراک مع المؤسسة العربية للتوزيع . تونس 2001م .
          أما المغاربة فيميلون في الغالب إلى استخدام مصطلح (لسانيات النص) ، ويجعلونه ترجمة للمصطلح الأجنبي Text linguistics ([7]) ، فمصطلح (اللسانيات) عندهم يقابل مصطلح (علم اللغة) أو (النحو) عند المشارقة ؛ ومن ثم نجد عندهم مصطلحات (لسانيات الجملة – لسانيات النص – لسانيات الخطاب ...... إلخ) ، فمن ذلک ما يأتى :
-    لسانيات النص . مدخل إلى انسجام الخطاب . الدکتور/ محمد خطابى . المرکز الثقافي العربى . الدار البيضاء . المغرب . الطبعة الثانية ، 2006م.
-    لسانيات النص . النظرية والتطبيق . مقامات الهمذاني أنموذجاً . ليندة قياس . مکتبة الآداب . القاهرة . الطبعة الأولى ، 1430هـ - 2009م.
ومن المشارقة الذين استخدموا مصطلح (اللسانيات النصية) الدکتور/ جميل عبد المجيد ، في کتابه :
-         البديع بين البلاغة العربية واللسانيات النصية . الهيئة المصرية العامة للکتاب ، القاهرة 1988م.



الكلمات الرئيسية

الموضوعات الرئيسية