المجاز المرسل والمجاز العقلي من کلام الترمذي في جامعه

نوع المستند : أبحاث علمیة

المؤلفون

کلية الاداب , جامعة طنطا

المستخلص

أَوَّلاً : وقع في کلام الإمام التّرمذيّ مَجازٌ مُرْسَلٌ وَمَجازٌ عَقْليّ .ثانياً : وقع المَجازُ المُرسَلُ في (الجامع الکبير) للترمذي في خمسة أحاديث : (حديثان اثنان لعلاقة الجُزئيّة برقم (304) ورقم (3936)، وحديثان اثنان لعلاقة الکليّة برقم (2479) ورقم (3461)، وحديثٌ واحدٌ لعلاقة المسَبَّبِيَّة برقم (634).
ثالثا :- وقع المجازُ العقليّ في حديثين (2) اثنين . (حديثٌ واحدٌ لعلاقة المفعوليَّة برقم (3726) ، وحديثٌ واحدٌ لعلاقة المصدريَّة برقم (2090) .
رابعاً : وَقَعَ المَجازُ في کلام التّرمذيّ ولم يُصَرِّحْ بِهِ ، وعلى النَّحو الآتي :
أ‌-      فَسَّرَ التّرمذيّ حديثَ النَّبيِّ ($): ( إذا قامَ من السجدتين رفع يديه )، فقال : يعني قام من الرَّکعتين، وهذا من باب المَجازِ المُرسَلِ، فَقَدْ أَطْلَقَ الجُزْءَ وأَرادَ الکُلَّ .
ب- عَلَّقَ التّرمذيّ على قَولِهِ ($): (والأَمانةُ في الأَزْدِ )، فقال : يعني اليمن وهو مَجازٌ مُرسَلٌ أّيضاً ، فَقَدَ أطلق الجُزْءَ وأَرادَ الکُلَّ .
        جـ- فَسَّرَالتّرمذيّ الحديثَ: (رِيْحُ الْغَنَمِ)، فقال: ريح الصوف بدلالة قوله : (وأنَّهُ کان ثيابُهم من صوفٍ ) فَقَدْ أَطْلَقَ الکُلَّ وأَرادَ الجُزْءَ ، وهو من المجاز المرسل أَيضاً .
د- بَيَّنَ التّرمذيّ قَوَل النَّبيّ ($): (هُوَ بَينَکُمْ وَبَيْنَ رُؤُوْسِ رِحالکُمْ)، فَقَالَ:    (وَمعنى قَولِهِ بَينَکُمْ وَبَيْنَ رُؤُوْسِ رِحالکُمْ، يَعني: عِلْمَهُ وَقُدْرَتَهُ. وَهُوَ من المجاز المرسل، فَقَدَ أَطْلَقَ الکُلَّ وأَرادَ الجُزْءَ .
هـ- فَسَّرَ التّرمذيّ حديثَ النَّبيّ ($) (جِزْيَة عُشُوْرٍ)، فَقَالَ: إِنَّما يعني بِهِ جِزْيِة الرَّقَبَةِ. فهذا من باب المجاز المرسل ، فَقَدْ أَطْلَقَ المُسَبَّبَ والنَّتيجَةَ وأَرادَ السَّبَبَ .
 و- فَسَّرَ التّرمذيّ قَولَ النَّبيّ ($) : (وَلَکِنَّ الله انْتَجَاهُ)، فَقَالَ: وَمعنى قَولِهِ: (وَلَکِنَّ الله انْتَجَاهُ) يقولُ: إِنَّ الله أَمرني أَن أَنْتَجِيَ مَعَهُ .  
وهذا من باب المجاز العقليّ، فَقَدَ بُنِيَ الفِعْلُ للفاعل وأُرِيدَ المَفعولُ بِهِ، فَالله هو الآمِرُ  والرَّسُولُ عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ هو المَأْمُورُ . فَقَدْ أَسْنَدَ الفِعْلَ لِلْآمِرِ وَأَرادَ المَأْمُورَ .
ز- بَيَّنَ التّرمذيّ حَديثَ النَّبيّ ($): (مَنْ تَرَکَ ضَيَاعَاً فَإِلَيَّ)، فَقَالَ: وَمعنى قَولِهِ:(مَنْ تَرَکَ ضَيَاعَاً) ضَائِعاً ليس لَهُ شَيْءٌ فَأَناَ أَعُولُهُ، وَأُنْفِقُ عَلَيْهِ .
 وهذا من باب المجاز العقليّ أَيضاً، فَقَدْ أَطْلَقَ المَصْدَرَ وَأَرادَ اسْمَ الفَاعِلِ .المبحث الأَوَّل تَعريفٌ بالمَجاز أولاً : المَجازُ لُغةً       قال الخليلُ بْنُ أَحمد الفَراهيديّ: (والمجازُ: المَصدرُ والمَوضِعُ، والمَجازةُ أَيضاً وَجاوَزتُهُ جَوازاً بمعنى: جزتُهُ ... والتَّجاوُزُ: أّلّا تَأْخذَهُ بالذَّنْبِ، أَي تَتْرُکَهُ. والتَّجوُّزُ: خِفَّةٌ في الصَّلاةِ والعَمَلِ، وَسُرْعَةٌ. والتَّجوُّزُ في الدَّراهمِ: تَرويجُها). ([1])  
     وقال ابنُ فارسٍ: (جَزِيَ: الجِيمُ والزَّاءُ واليَاءُ: قِيامُ الشَّيْءِ مَقامَ غَيرهِ وَمُکافَأَتُهُ إِيَّاهُ، يُقَالُ:جَزيتُ فُلاناً أَجْزيهِ جَزاءً، وَجَازَيتُهُ مُجازاةً، وهذا رَجلٌ جَازيکَ من رَجُلٍ، أَيْ حَسْبُکَ، وَمعناهُ أَنَّهُ يَنُوبُ مَنابَ کُلِّ أَحَدٍ، کما تَقُولُ: کَافيکَ وَناهيکَ، أَيْ کَأَنَّهُ يَنْهاکَ أَنْ يَطْلُبَ مَعَهُ غَيرَهُ).     ويقولُ الجَوهَرِيّ: (جُزْتُ المَوضِعَ أَجُوزُهُ جَوازاً: سَلَکْتُهُ وَسِرْتُ فِيهِ، وَأَجَزْتُهُ: خَلَّفْتُهُ وَقَطَّعْتُهُ، وَالاجْتِيازُ: السُّلوکُ... وَجَاوَزْتُ الشَّيْءَ إِلى غيرِهِ وَتَجاوَزْتُهُ بِمعْنى، أَيْ جُزْتُهُ. وَتضجاوزَ اللَّهُ عَنَّا وَعَنْهُ، أَيْ عَفَا، وَجَوَّزَ في صَلاتِهِ، أَيْ خَفَّفَ. وَتَجَوَّزَ في کَلامِهِ، أَيْ تَکَلَّمَ بِالمَجازِ. وَقولُهُمْ: جَعَلَ فُلانٌ ذلک الأَمْرَ مَجازاً إِلى حَاجَتِهِ ، أَيْ طَريقاً وَمَسْلَکاً. وَتقولُ: اللَّهُمَّ تَجَوَّزْ عَنِّي، وّتَجَاوَزْ عَنِّي بِمعْنى). ()وَعَقَّبَ ابنُ مَنْظُورٍ مُجْمِلاً لِلْمَعانِي السَّابقةِ بِقَولِهِ: (جُزْتُ الطَّريقَ وَجَازَ المَوضِعَ جَوْزاً وَجُؤُوْزَاً وَجَوازاً وَمَجازاً وَجَازَ بِهِ وَجَاوَزَهُ جَوازاً وَأَجَازَهُ وَأَجَازَ غَيرَهُ وَجَازَهُ: سَارَ فِيهِ وَسَلَکَهُ، وَأَجَازَهُ: خَلَّفَهُ وَقَطَّعَهُ، وأَجَازَهُ أَنَفَذَهُ... وَالمَجازُ وَالمَجازَةُ: المَوضِعُ. قالَ الأَصْمَعِيّ: جُزْتُ المَوضِعَ: سِرْتُ فِيهِ وَأَجَزْتُهُ: خَلَّفْتُهُ وَقَطَّعْتُهُ، وَأَجَزْتُهُ: أَنْفَذْتُهُ... وَجَاوزتُ المَوضِعَ جَوازاً: بِمعْنى جُزْتُهُ. وَفي حَديثِ الصِّراطِ: (( فَأَکُونُ  أَنا وَأُمِّتي أَوَّلَ مَنْ يُجِيْزُ عَلَيْهِ)) ([4]) قالَ: يُجِيزُ لُغَةً في يَجُوزُ، وَجَازَ وَأَجازَ بِمعْنى... وَالمَجَازةُ: الطَّريقُ إِذا قُطِعَ مِنْ أَحَدِ جَانِبَيْهِ إلى الآخَرِ.
     وَالمَجازَةُ: الطَّريقُ في السَّبْخَةِ... وَجَاوَزْتُ الشَّيْءَ إِلى غَيرِهِ وَتَجَاوَزتُهُ بِمعنى أَيْ أَجَزْتُهُ، وَتَجَاوَزَ اللهُ عَنِّي، أَيْ عَفا، وَقولُهُمْ: اللَّهُمَّ تَجَوَّزْ عَنِّي وَتَجَاوَزْ عَنِّي بِمعْنى. وَفي الحَديثِ: ((کُنْتُ أُبَايِعُ النَّاسَ وَکَانَ مِنْ خُلِقي الجَوَازُ))([5])أَيْ التَّساهُلُ وَالتَّسَامُحُ فِي البَيعِ وَالاقْتِضَاءِ. وَجَاوَزَ اللهُ عَنْ ذَنْبِهِ وَتَجَاوَزَ وَتَجَوَّزَ، عن السَّيرافي: لَمْ يُؤَاخِذْ بِهِ.
    وَفِي الحَديثِ: ((إِنَّ اللهَ تَجَاوَزَ عَنْ أُمَّتِيْ مَا حَدَّثَتْ بِهِ أَنْفُسَهَمَا))([6]) أَيْ عَفَا عَنْهُمْ، مِنْ جَازَهُ يَجُوزُهُ إذا تَعَدَّاهُ وَعَبَرَ عَلَيْهِ... وَتَجَاوَزَ عَنِ الشَّيْءِ: أَغْضَى. وَتَجَاوَزَ فِيهِ: أَفْرَطَ... وَتَجَوَّزَ فِي صَلاتِهِ أَيْ خَفَّفَ، وَمِنْهُ الحَديثُ: ((أَسْمَعُ بُکَاءَ الصَّبِيِّ فَأَتَجَوَّزُ فِي صَلاتِيْ))([7]) أَيْ أُخَفِّفُهَا وَأُقَلِّلُهَا. وَمِنْهُ الحَديثُ: ((تَجَوَّزُوْا فِيْ الصَّلَاةِ))([8]) أَيْ خَفِّفُوْهَا وَأَسْرِعَوا بِها، وَقِيْلَ: إِنَّهُ مِنَ الْجَوْزِ: الْقَطْعُ وَالَّسْيُر. وَتَجَوَّزَ فِيْ کَلامِهِ، أَيْ تَکَلَّمَ بِالمَجَازِ).([9])
مِمَّا تَقَدَّمَ مِنْ تَعاريفِ المَجَازِ في اللُّغَةِ، نَسْتَطِيعُ أَنْ نُجْمِلَ مَعانيهِ، وَبِأَنَّهُ يُطْلَقُ على خَمْسَةَ عَشَرَ مَعْنى، وَهِيَ: (المَوضِعُ ، وَالمَصْدَرُ، وَعَدَمُ الْمُؤَاخَذَةُ بِالذَّنْبِ، وَالْخِفَّةُ– في الصلاة وغيرها، وَتَرْوِيْجُ الدَّراهِمِ على مَا بِهَا ، وَالْجَزَاءُ وَالمُقَابِلُ، وَالإِغْضَاءُ، وَالإِغْفَالُ، وَالإِفْرَاطُ، وَوَسَطُ الشَّيْءِ، وَغَالِبُهَ، وَالسُّلُوکُ، وَالْعَفْوُ، وَالطَّريقُ وَالْمَسْلَکُ، وَالتَّساهُلُ وُالتَّسامُحُ، وَالْکَلامُ بِالْمَجَازِ). وَهذا الأَخيرُ هو المَقْصُودُ مِنْ دِرَاسَتِنَا، وَسَنَتَنَاوَلُهُ بِالْمَعْنَى الاصْطِلاحِيّ البَلاغِيّ بَعْدَ أَنْ عَرَّفْنَا بِهِ فِيْ اللُّغَةِ.






الكلمات الرئيسية

الموضوعات الرئيسية