اختيارات ابن يعيش في شرح الملوکي في التصريف دراسة تحليلية نقدية

المؤلف

کلية الاداب , جامعة الطائف

المستخلص

وبعد: فإنّ شرح الملوکي في التصريف لمؤلفه : موفق الدين , أبي البقاء, يعيش بن علي بن يعيش, الشهير بابن يعيش, يُعَدّ من أوفى شروح کتاب أبي الفتح عثمان بن جني ( المختصر في التصريف) , المعروف بالتصريف الملوکي؛ لما اشتمل عليه من مسائل التصريف, وقضاياه , مقرونة بعللها , وحججها, منسوبة إلى أصحابها _ في الغالب_ , بلغة علمية رصينة, بعيدة عن الحشو, خالية من التکلف والغموض ,تحرّى فيه مؤلفه الإيجاز, دون إخلال في عرضه لمسائل التصريف.وقد کان هذا الشرح منذ زمن بعيد – ولا يزال- رفيقي في حلّي وترحالي , لا أملّ قراءته, وتدبر مسائله, أستمتع بلطائفه , وأنتقي درره , وأستجلي غوامضه, وقد کنت أظنّ – وبعض الظنّ إثم – أنّ ابن يعيش – رحمه الله – يسير في رکاب ابن جنّي وغيره من العلماء المتقدمين , يصادق على أقوالهم , ويحتج لها, دون أن يظهر له رأي أو اختيار في المسائل التي يعرض لها, غير أنني وجدت الرجل ذا شخصية ظاهرة في شرحه هذا , فتارة رأيته متعقّبًا غيره , وتارة معترضًا مخطّئًا , وتارة مرجّحًا مختارًا , مؤيّدًا کل ذلک بالحجة والبرهان , معتمده في ذلک السماع والقياس , وآراء من سبقه من العلماء.ومن أجل هذا کان هذا البحث الذي وسمته بـ ( اختيارات ابن يعيش في شرح الملوکي في التصريف : دراسة تحليلية نقدية ) , وضمنته أبرز اختياراته في هذا الشرح ,وترکت بعض هذه الاختيارات؛لشهرتها؛وکثرة دورانها في الدراسات الصرفية؛إذ لم يکن الاستقصاء هدفًا لي في هذه الدراسة , وإنّما أردت إبراز هذه الاختيارات , ودراستها دراسة تحليلية تظهر مکانة ابن يعيش العلمية, وفضله عليّ وعلى غيري من الباحثين في هذا العلم الشريف.
وقد سرت في هذا  البحث على المنهج الآتي :

أضع العنوان المناسب للمسألة .
أذکر ملخّصًا لکلام ابن يعيش , والآراء التي ذکرها , موضّحًا اختياره في المسألة .
أعرض المسألة على کتب المتقدمين  والمتأخرين من العلماء ؛ ليتسنى لي دراستها دراسة علمية دقيقة , أقف من خلالها على جلّ الآراء التي قيلت في المسألة , والانتقادات التي وُجّهت لکل رأي.
أُضمن المسألة الرأي ، الذي أُراه راجحًا في المسألة , والذي  تؤيّده الأدلّة , وتنصره الحُجّة , دون نظر إلى رأي ابن يعيش – رحمه الله أو غيره من العلماء .

واللهَ أسأل أن يوفقني للحقّ والصّواب ، وأن يجعل هذا العمل خالصًا لوجهه الکريم، إنّه وليّ ذلک والقادر عليه .            
بناء ( فُعْلَل ) من أوزان الرباعي المجرد
للاسم الرباعي أوزان خمسة متّفق عليهابين المتقدمين من العلماء ، وأضاف ابو الحسن الأخفش(1)بناء سادسًا وهو ( فُعْلَل ) نحو:جُخْدَب، بفتح الدال ، وسيبويه يرويه بضمّها ؛ کبُرْثُن.
وحَمَلَ سيبويه ومَنْ وافقه رواية الأخفش على إرادة جُخادِب ، ثمّ حذفوا؛ لأنهم يقولون : جُخْدَب وجُخادِب ، وکذلک قالوا في نحو : عُلَبِط، وعُلابِط ، وعُجَلِط وعُجالِط ، وهُدَبِد وهُدابِد(2).
وقد اختار ابن يعيش مذهب أبي الحسن ؛ واحتج لاختياره بأمرين (3):
أحدهما : أن الفرّاء قد حکى عن العرب : بُرْقُعٌ وبُرْقَعٌ ، وطُحْلُبٌ و طُحْلَبٌ (4)، وقُعْدُدٌ و قُعْدَدٌ(5)ودُخْلُلٌ و دُخْلَلٌ (6) وعقّب على حکاية الفراء قائلًا :" فهذا وإن کان الضم فيه المشهور, إلا أنّ الفتح قد جاء عن الثّقة، فلا سبيل إلى ردّه "(7)
والآخر : أنهم قالوا : سُودَدٌ بمعنى السيادة ، فهو من لفظ سيّد , و عُوطَطٌ(8) من لفظ عائط , وإظهار التضعيف فيهما دليل على أنهما ملحقان بجُخْدَب ؛ کما قالوا : مَهْدَدٌ وقَرْدَدٌ(9)؛ للإلحاق بجَعْفَر .
وعلى هذا يکون هذا البناء أصلًا عند ابن يعيش ، وهو منسوب للکوفيين أيضًا(10).
وممّن عدّ هذا البناء أصلًا في الرباعيّ ابنُ مالک في ألفيته, و وافقه ابنه بدر الدين في شرحه على ألفية والده ؛ إذ يقول بعد ذکر هذا الوزن : " ولم يذکره سيبويه ، لکن حکاه الأخفش ، والکوفيون, فوجب قبوله "(11)
هکذا قال مبتدئًا، إلاّ أنه عاد وذکر ما يدل على ردّه ؛ لکون هذا الوزن ليس أصلًا ، بل هو فرع عن المضموم (12

الكلمات الرئيسية

الموضوعات الرئيسية