الأبعاد المجتمعية للامتداد العمراني على الأراضي الزراعية دراسة ميدانية في مرکز أبوحمص بمحافظة البحيرة

نوع المستند : أبحاث علمیة

المؤلف

کلية الاداب , جامعة طنطا

المستخلص

يعد الامتداد العمراني على الأراضي الزراعية ظاهرة عالمية تعاني منها جميع دول العالم الفقيرة والغنية ، ومثلت هذه الظاهرة تحدياً لمعظم دول العالم ، وخاصة النامية منها ، والتي يتزايد عدد سکانها بمعدلات مرتفعة وما يتبع ذلک من ضغوط على الموارد وبخاصة الأراضي الزراعية المحيطة بالمدن، لذا کان لزاماً على الدول أن تبادر إلى التخطيط العلمي من أجل الحد من أثارها السلبية ، فالأراضي الزراعية المحيطة بالمدن تتناقص يوماً بعد يوم نتيجة لامتداد العمران إليها، وزيادة نسبة التحضر في العالم ، ويمارس النمو السکاني ضغوطاً متزايدة على الأراضي الزراعية .واقترن الامتداد العمراني للمدن بالزيادة السکانية واتساع الرقعة التي تشغلها المدينة،  ويعتبر التضخم الکبير للمدن هو المشکلة الأصعب ، لأن القاعدة الاقتصادية في کثير من المدن غير قادرة على التعامل مع المشاکل الاجتماعية الناجمة عن التضخم ، الناتج عن الهجرة من الريف إلى داخل المدينة والهجرة من الخارج ،وبدأ هذا الامتداد في الريف القريب من المدن والذي يعد الرئة التي تتنفس منها المدينة وتحصل منه على أکبر المصادر الزراعية.ولقد اهتم المختصون في الاقتصاد، والتخطيط العمراني،  والسکان ، والهندسة المعمارية، والجغرافيا، والدراسات البيئية ، وعلم الاجتماع،  بالامتداد العمراني نظراً لعشوائية وتداخل وتعدد أنماط التخطيط العمراني وضياع معالم النمط الأصيل للمدينة، وتزايد درجة التلوث البيئي في هذه المدن وما نشأ عن اتساع مساحة الأحياء المتخلفة وزيادة نسبة البطالة، وغيرها من المشکلات.
وفي مصر تعرض التخطيط العمرانى فى السنوات الأخيرة إلى نغمة تطوير المناطق الريفية بهدف تخفيف الضغط السکانى على المدن الکبيرة ، في الوقت الذى يعاني فيه الريف نفسه من ضغط سکاني کبير أثر على مقوماته الاقتصادية والاجتماعية . وفى أثر هذه النغمة بدأت مشروعات تصل إلى القرى مستقطعة آلافاً من الأفدنة،  کما بدأت المصانع والجامعات والمعاهد مستقطعة آلافاً أخرى من الأفدنة من أکثر الأراضى الزراعية خصوبة،  وفى أثر ذلک ظهرت بطبيعة الحال الحاجة إلى المناطق السکنية لإيواء العمال والطلبة والموظفين العاملين فى هذه المنشآت الجديدة مستقطعة بدورها آلافاً أخرى من الأفدنة الزراعية ومضيفة ضغطاً أکثر على المرافق والخدمات العامة القائمة، ولعل مباني جامعة البحيرة على طريق اسکندرية – القاهرة الزراعي خير مثال على ذلک.
          وشهدت مصر بعد الخامس والعشرين من يناير 2011 موجة غير مسبوقة من البناء على الأراضي الزراعية ، وامتدادات عمرانية فاقت کل التصورات، استنزفت مساحات کبيرة من الأراضي الزراعية إلى الحد الذي يمکننا من القول بإنشاء مدن موازية للمدن القائمة على الظهير الريفي. فقد شهدت السنوات الثلاث السابقة أکبر عملية بناء على أراضى الدولة والأراضى الزراعية، وأراضى الأوقاف  والاصلاح الزراعي دون أى رادع من القانون.
فقد أشار التقرير الصادرعن الإدارة المرکزية لحماية الأراضي التابعة لوزارة الزراعة، إلى أن حالات التعدي على الأراضي الزراعية ارتفع إلى 763 ألفًا و685 حالة، بزيادة 8 آلاف حالة، وذلک في مساحة تصل إلى 32 ألفًا و346 فدانًا. وأضاف التقرير:  أن الأجهزة الأمنية بالتنسيق مع أجهزة الرقابة بوزارة الزراعة نجحت في إزالة 78 ألفًا، و867 حالة تعد على مساحة 4 آلاف و551 فداناً، ولم تتمکن فيه من إزالة 684 ألفًا و818 حالة تعد. وطبقًا للتقرير، فإن "محافظة المنوفية احتلت المرتبة الأولى، بـ 99 ألفًا و728 حالة تعد على مساحة بلغت ألفين و700 فدان، تليها محافظة البحيرة بـ 94 ألفًا و987 حالة على مساحة من الأراضي بلغت 3 آلاف و572 فدانًا، وتليها محافظة الغربية حيث رصدت 74 ألفًا و793 حالة تعد على الأراضي الخصبة على مساحة 3 آلاف و498 فدانًا، بينما سجلت محافظة الشرقية 71 ألفًا و947 حالة على مساحة من الأراضي بلغت 3 آلاف و157 فدانًا.(الادارة المرکزية لحماية الأراضي ، 2013)
وهذا الأمر يضع مصر فى إشکالية حقيقية بين ضرورة الحفاظ على الأراضى الزراعية کأصل إنتاجى لا يمکن تعويضه، وحق أبناء الريف فى السکن. والحقيقة أن أى نظرة موضوعية لمعالجة هذه القضية، لابد أن تنطلق من حقيقة أن أرض وادى النيل ودلتاه ، لا يمکن تعويضها بأى حال من الأحوال. وأن هناک أزمة سکن حقيقية وليست مفتعلة فى الريف المصرى بسبب زيادة السکان فى الريف دون أن يکون لديهم فرصة للحصول على السکن إلا بالاعتداء على الأراضى الزراعية.

الكلمات الرئيسية

الموضوعات الرئيسية