سواء شئنا أم لم نشأ ، فلا يوجد أحد قادر على أن ينأى بنفسه عن الوقوع في دائرة التأثير لنظام سياسي معين . فالمواطن يتعامل مع السياسة عند تصريف أمور الدولة ، والمدينة والمدرسة ، والمؤسسات الدينية ، والنقابة ، والنادي ، والحزب السياسي ، والجمعيات التطوعية ووسائل الإعلام ... وغير ذلک کثير من منظمات عديدة أخرى . فالسياسة هي حقيقة من حقائق الوجود الإنساني لا يمکن تجنبها ، فکل فرد يجد نفسه مشترکة بطريقة ما ، وفي لحظة ما ، في شکل ما من أشکال النظم السياسية . وتهتم النظم السياسية الحديثة بنقل معايير المجتمع للسلوک السياسي ، وتشترک کل من النظم الديمقراطية والديکتاتورية على السواء في الاهتمام بالتأثير على الاتجاهات السياسية للمواطنين وتوجيهها نحو ديناميات وأهداف النظام السياسيويعمل کل مجمع على نقل ثقافتة لأعضاء المجتمع ، وهذه العملية تسمى التنشئة . والتنشئة السياسية هي الوسيلة التي عن طريقها تنتقل الثقافة السياسية لأعضاء المجتمع . فالتنشئة السياسية اذن هي عملية تعلم الحياة السياسية وهي الوسيلة التي عن طريقها تبقى الثقافات السياسية أو تتغير . ومن خلال التنشئة بتعلم الأفراد أن يحترموا السلطة السياسية . أن يشارکوا أو لا يشارکوا في الأنشطة السياسية ، وأن يحترموا أو لا يحترموا القانون ، وأن يتسامحوا أو لا يتسامحوا مع الرأي الآخر . وتستمد التنشئة السياسية أهميتها من کونها تبين لنا کيف يکتسب المواطن معلوماته واتجاهاته ومعتقداته حول النظام السياسي ، وأيضا تفسر لنا السلوک السياسي للمواطنين . ولقد أصبح الإعلام يلعب دورا فعالا ومؤثرا في تشکيل حياة الإنسان وکيانه والبيئة التي يعيش فيها ، وإذا کانت هذه الوسائل تعتبر عنصرا حاسما ومهما للدولة الحديثة ، فهي کذلک آلية أو وسيلة مهمة تنتقل من خلالها المجتمعات التقليدية نحو الحداثة والاندماج السياسي ، نظرا لأن وسائل الإعلام تستطيع نشر الرسالة السياسية بشکل ثابت ومتطابق وفي نفس الوقت إلى عدد کبير من الناس ، ومن ثم فإنها تستطيع أن تلعب دورا أساسيا في . التحديث السياسي والتنشئة السياسية . ولقد أدى النمو والتطور الهائلان في علوم الاتصال في السنوات الأخيرة إلى مضاعفة تأثير وسائل الإعلام في صباغة ثقافة أي شعب من الشعوب بصفة عامة ، والثقافة السياسية بصفة خاصة . فقد أفضى التطور التکنولوجي الهائل في وسائل الاتصال إلى إحداث تغييرات عميقة في عملية التنشئة السياسية ، بحيث أضعف هذا التطور من تأثير عمليات الاتصال الشخصي في الوقت الذي تضاعفت فيه قدرة وسائل الإعلام في تشکيل القيم والاتجاهات خاصة على المدى البعيد . ومن ثم فإنه لم يعد من الممکن في نهاية القرن العشرين التقليل من أهمية وسائل الإتصال الجماهيري وتأثيرها على الثقافة السياسية بصفة خاصة في إطار تناول قضية التنشئة السياسية للمجتمع المصرى بالبحث والدراسة حيث لا تخفي الأهمية التي تقوم بها الصحافة في تشکيل الرأي العام ، وما تنفرد به بالمقارنة بوسائل الإعلام الأخرى المرئية والمسموعة وذلک من حيث تميز الصحافة بمتابعة النشر والتعليق على القضايا والمشکلات وعرض الآراء المختلفة بشأنها ، مما يمکنها من المساهمة في تشکيل رأي عام حول بعض المسائل والقضايا السياسية الهامة . وعلى هذا فقد جابت أهمية هذا الموضوع الذي نقوم بدراسته والذي يسعى إلى تحقيق