رسالة الإمام نور الدين السالمي ت1332هـ إلى المجاهد سليمان باشا الباروني ت1359هـ (دراسة في اللغة والفكر)

نوع المستند : أبحاث علمیة

المؤلف

كلية العلوم الشرعية سلطنة عُمَان - مَسْقَط

المستخلص

ينشد هذا البحث الوقوف على العلاقة بين الفكر واللغة ومدى تأثيرهما وتطويعهما نحو وحدة الأمة في رسالة الإمام نور الدين السالمي ت 1332هـ إلى المجاهد سليمان باشا الباروني ت 1359هـ.
وتكمن مشكلة الدراسة في قلة الاستفادة من رسائل الأئمة الأعلام والتنبه إليها والتوجه نحوها فكرًا ولغة وتطويعها نحو هدفها الأسمى.
ويهدف البحث إلى الاستفادة القصوى من معطيات نحو النص في تحليل رسالة السالمي، الذي أصّل فيها لوحدة الأمة.
ويمكن أن نصوغ مشكلة البحث في السؤال الرئيس: ما مدى التأثيريْنِ الفكري واللغوي لرسائل الأئمة في وحدة الأمة استنادًا إلى معطيات نحو النص؟
وتعتمد الدراسة المنهج التحليلي للوقوف على العلاقة بين اللغة والفكر، وللوقوف على العلاقة بين نحو النص ومقصد النص الأسمى مُتَكِئًة على المنهج الإحصائي.
ويأتي البحث في تمهيد يشتمل على خطة البحث، وستة مباحث:-
المبحث الأول: اللغة مدخل لتوحيد الأمة. وفيه ستة مطالب.
المبحث الثاني: وحدة الأمة بين العصبية والمذهبية. وفيه ثلاثة مطالب.
المبحث الثالث: جهود السالمي في وحدة الأمة. وفيه أربعة مطالب.
المبحث الرابع: اللغة والفكر. وفيه خمسة مطالب.
المبحث الخامس: آليات التماسك النصي في رسالة السالمي. وفيه ستة مطالب.
المبحث السادس: سيمائية العلامة الإعرابية في جواب السالمي. وفيه عشرة مطالب.
وخاتمة: تشمل أهم النتائج؛ ومنها في الجانب التطبيقي: ورود العطف بالواو (36) مرة في رسالة السالمي، وتنوع الربط بين الاسم والفعل والحرف، ومجيء العطف بالفاء (9) مرات مع الاسم والفعل والحرف، بينما جاء العطف بالحرف "ثم" مرة واحدة. ولعل كثرة استخدام حرف الواو في العطف يدل على رغبة الشيخ في جمع شمل الأمة؛ لأن الواو تقتضي مطلق الجمع، وقد جاءت الفاء تسع مرات، وهي تدل على الترتيب والتعقيب، ولعلها تدل على رغبة الشيخ في سرعة جمع كلمة الأمة، وجاءت "ثم" مرة واحدة لتدل على خطورة التواني في جمع كلمة الأمة، واستخدام الشيخ "التقديم والتأخير" بوصفه تقنية من تقنيات التماسك النصي مقدمًا الأهم على المهم، وتصدير جوابه بــ"نعم" لعدة دلالات، أبرزها أن "نعم" حرف تصديق للكلام، فهي تدل على تصديق السائل أن جمع الأمة ممكن. ووردت الضمائر في الرسالة (15) مرة، وقد وردت الضمائر في جواب الشيخ بكثرة، ولعل السبب في ذلك أن الشيخ يرى أن أول أسباب الوحدة أن يتخلى الناس عن المسميات، أو أن تختفي شخوصهم وذواتهم، وأكثر الشيخ من استخدام المقابلات لما تحققه من تماسك نصي، فضلا عن دورها في بيان حال الأمة التي تمتلك كل مقومات الوحدة.
وجاء ترتيب العلامات الإعرابية في رسالة السالمي على النحو الآتي:-
أولا: الكسرة؛ وقد جاءت إجمالًا مع تنوينها أكثر من (56) مرة.
ثانيا: الفتحة، وقد جاءت مع تنوينها أكثر من (60) مرة.
ثالثا: الضمة، وقد جاءت مع تنوينها أكثر من (67) مرة.
وقد برهن البحث يقينًا أن الكسرة أقل الحركات انتشارًا وسَعة، وبينت صحة الفرض القائل بضيق انتشارها في رسالة السالمي. وهناك ربط واضح بين معجم الألفاظ الدالة على التفرق والكسرة، فقد جاءت الكسرة غالبًا في الحقل الدلالي الخاص بالتفرق، وكان افتراض النحاة السابقين المتلخص في أن اختصاص الكسرة بالأسماء دون سواها افتراضًا صحيحًا.
وجاءت الضمة غالبًا في الحقل المعجمي الخاص بجمع كلمة الأمة، فالسالمي أحسن توظيف سيمائية علامة الرفع وهي الضمة، فقد ربط بين المفردات الدالة على وحدة الأمة وعلامة الرفع، وقد صح هنا افتراض النحاة القائل: إن الرفع أكثر من السكون، فالضمة قد جاءت مع تنوينها أكثر من(67) مرة، وقد ورد السكون ما يقرب من (36) مرة، وصح الافتراض القائل إن الرفع قبل النصب، وذلك إنْ قصدوا بالقبلية سعة الانتشار.
وجاء الفتح في الرسالة مع الألفاظ التي تدل على العمل الإرادي، وظهر في رسالة الشيخ الربط بين الحركة الإعرابية الفتحة وبين الإرادة الصادقة في الوحدة، وكأن الشيخ جعل الفتحة التي تصدر عن أفعال إرادية تجيء هنا لتدل من وجهة النظر السيمائية على الوحدة، وكأنها كانت قديمًا عن إرادة صادقة. وإن كان النحاة السابقون افترضوا أن الفتحة تدل على أمور منها: أنها ترشد إلى مكان تأثير معين، وتحدد وظائف الكلمات وترفع الإبهام، فيمكن أن نتلمس ذلك بوضوح مع الأفعال الاختيارية الإرادية التي وردت في الرسالة، وهو ما يبرهن على سعة أفق النحاة.
وتكلم السالمي عن عوامل التفرق بمعدل 23%. وجاءت الأفعال الإرادية في هذه الرسالة في المرتبة الثانية بمعدل 24% وهو ما يعني حرص السالمي على وحدة الأمة والإرادة القوية لذلك، فالأمة المهزومة نفسيًا لا يمكن أن تصدر قرارًا ذاتيًا، ولا بد أن تكون تابعة لمستعمر أو محتل، وكذلك الحال بالنسبة للأمة الضعيفة بدنيًّا، لا طاقة لها بلقاء العدو دفعًا أو طلبًا. ولعل هذا ما جعل الشيخ يقدم الإرادة على أسباب التفرق، كما جاءت الضمة التي تمثل أسباب الوحدة 27% وهو ما يبين حرص الشيخ على أسباب الوحدة.
وتوصي الدراسة بتوجيه نظر الباحثين النحويين إلى الدراسات السيميائية ذات العلاقة وإلى نحو النص في ضوء اللغة والفكر للوقوف على أفق جديدة تثرّي الدرس النحوي الحديث؛ مما يفتح الباب أمام الباحثين لتقديم أطروحات وبحوث تخدم هذا التوجه بشكل جِدّيّ وتربطه بتراثه التليد. كما تدعو الدراسة إلى تسليط الضوء على رسائل الأئمة الأعلام.
وتوصي الدراسة أيضا ترسيخا لدعائم الدولة ونبذ الفتنة وصور التكفير بمطالبة الهيئات الدينية والشبابية والاجتماعية وغيرها باستصدار القوانين والتعاميم اللازمة التي تمنع التعرض للمذاهب أو تجريح علمائها أو التنبيه عليهم في المساجد والأماكن العامة ومواقع التواصل وغيرها، وإنما تكون دراسة مسائل الخلاف المسبّبة للفرقة بين المسلمين والتعرض لها في قاعات البحث من العلماء أُولِي الأحْلام والنُّهَى المتخصصين والدعاة الراسخين أصحابِ الحكمة والخبرة والدربة وطول الملابسة، مع مراعاة أدب الحوار في محيط يسعى إلى حسن النية ورأب الصدع وجمع الشمل، والاستفادة القصوى من الخلاف، وتحويله إلى خلاف تنوع بصيغ لغوية يُتّفقُ عليها تخرج في بيانات واضحة، مع التماس العذر وتغليب العناية بقضايا المسلمين الكبرى، وتشجيع الدولة كلَّ من يسعى إلى عمل مبادرات من شأنها توحيد الكلمة ووَحدة الصف ولمّ الشَّعَث.
كان البحث قد وَظَّفَ منهج الإحصاء الرياضي مع الاستعانة بنظام الإحصاء الموجود ضمن برنامج (مايكروسفت أوفيس Microsoft Office 2013) الذي قدم لنا هذه المعطيات الإحصائية.

الكلمات الرئيسية

الموضوعات الرئيسية