تعد معركة أبوقير البرية 1799م من معارك الحملة الفرنسية الفاصلة؛ فلو تمكن العثمانيون فيها من إلحاق الهزيمة بالفرنسيين لعجلت بإفشال حملتهم، وصار جلاؤها على أثرها حتما مقضيا، بيد أن انتصار بونابرت فيها أعطى حملته قُبلة حياة مدت في عمرها حولين كاملين. وليس أدل على ذلك من تصريح به بوسليجPoussielgue لأعضاء الديوان بأنه لو أسفرت المعركة عن هزيمة الفرنسيين؛ فإنهم عندئذ سيجلون عن البلاد. وتصريح بونابرت نفسه في مساء 24 يوليو، (ليلة نشوب أهم يوم في معركة أبوقير البرية) لأحد جنرالاته بأن "هذه المعركة ستقرر مصير العالم"! ولهذا يَعُدَّ مؤرخون انتصار بونابرت في موقعة أبوقير البرية هذه "بمثابة فتح جديد لمصر"، كما كانت واقعة إمبابة من قبل.
وبناء عليه؛ فإن إلقاء أضواء جديدة على معركة بهذه الأهمية من خلال وثيقة غير منشورة يُعَدُّ من الأهمية بمكان؛ فعلى الرغم من كثرة ما كتب عن الحملة الفرنسية على مصر، وكثرة ما نشر من وثائقها؛ فلا تزال ثمة وثائق لم تستخدم بعد في البحوث التى لا تزال تترى عن الحملة، ومن حسن طالع الباحثين أن دار الوثائق القومية بالقاهرة تحتفظ بالكثير منها في مجموعات خمس، منها المجموعة الثالثة: وتتألف من سبعة مجلدات تؤرخ للحملة، من بينها الوثيقة التي يقوم عليها هذا البحث.
وتكمن أهمية الوثيقة موضوع البحث في أن كاتبها ضابط فرنسي يدعى (إ. ل. ف. هويه)E-L-F-Hauet وكان أحد الضباط الذين شاركوا في الحملة على مصر، فكان شاهد عيان على أحداث الحملة. وأن الوثيقة تقدم جديدا يتمثل في وصف لبعض تفصيلات المعركة ووقائعها ليس متاحا في كثير من المصادر والمراجع . خصوصا في المرحلة الأخيرة من المعركة وما تلاها من أحداث